بسم الله الرحمن الرحيم
الأصول الثلاثة التي يجب على كل مسلم ومسلمة معرفتها،وهي:
معرفة العبد: ربه ودينه ونبيه محمد صلّ الله عليه وسلم.
فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته وهو معبودي ليس لي معبود سواه.
وإذا قيل لك: مادينك؟ فقل: ديني الإسلام وهو: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.
وإذا قيل لك: من نبيك؟ فقل: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وهاشم من قريش وقريش من العرب والعرب ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
أصل الدين وقاعدته أمران:
الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتكفير تركه.
الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله.
شروط (لا إله إلا الله):
الأول: العلم بمعناها نفياً وإثباتاً.
الثاني: اليقين وهو : كمال العلم بها المنافي للشك والريب.
الثالث: الإخلاص المنافي للشرك.
الرابع: الصدق المنافي للكذب.
الخامس: المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه والسرور بذلك.
السادس: الانقياد لحقوقها وهي: الأعمال الواجبة إخلاصاً لله وطلباً لمرضاته.
السابع: القبول المنافي للرد.
أدلة هذه الشروط من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
دليل العلم:
قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19]، وقوله: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86]، أي بـ (لا إله إلا الله) {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بقلوبهم مانطقوا به ألسنتهم.
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة».
ودليل اليقين:
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات15].
فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكوا فأما المرتاب فهو من المنافقين.
ومن السنة: الحديث الثابت عن الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة».
وفي رواية: «لايلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة».
وعن أبي هريرة أيضا من حديث طويل: «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة».
دليل الإخلاص:
قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر3] وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البينة5].
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ( أو نفسه )».
وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل».
وللنسائي في (اليوم والليلة) من حديث رجلين من الصحابة عن صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مخلصاً بها قلبه يصدق بها لسانه إلا فتق الله لها السماء فتقاً حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر الله إليه أن يعطيه سؤله».
ودليل الصدق:
قوله تعالى: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت1: 3].
وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة8: 10].
ومن السنة: ماثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ن أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صادقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار».
ودليل المحبة:
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} [البقرة165].
وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} [المائدة54].
ومن السنة: ماثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار».
دليل الانقياد:
ما دل عليه قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ } [الزمر54]، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء125]، وقوله: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان22]، أي ( لا إله إلا الله ).
وقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء65].
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» وهذا هو تمام الانقياد وغايته.
ودليل القبول:
قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الزخرف23: 25].
وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} [الصافات35: 36].
ومن السنة: ماثبت في الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً: فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا ورزعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
نواقض الإسلام
اعلم أن نواقض الإسلام عشرة:
الأول: الشرك في عبادة الله تعالى:
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء48]، وقال: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة72].
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو يشط في كفرهم أو صحح.
الرابع: من اعتقد أن غير هدى النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيث على حكمه فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر.
السادس: من استهزأ بشئ من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه عقابه كفر.
قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِين} [التوبة65: 66].
السابع: السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضى به كفر.
والدليل قوله تعالى: {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} [البقرة:103].
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة51].
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.
العاشر: الإعراض عن دين الله تعالى: لايتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة22] ولافرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطراً وأكثر ما يكون وقوعاً.
فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
التوحيد ثلاثة أنواع:
الأول: توحيد الربوبية:
وهو الذي أقر به الكفار على زمن رسول الله وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخلهم في الإسلام واستحل دمائهم وأموالهم وهو توحيد الله بفعله تعالى، والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} [يونس31].
والآيات على هذا كثيرة جداً.
الثاني: توحيد الألوهية:
وهو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه وهو توحيد الله بأفعال العباد: كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل قرآني.
الثالث: توحيد الذات والأسماء والصفات:
قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَد(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص]،وقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف180] وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى11].
ضد التوحيد الشرك:
وهو ثلاثة أنواع: شرك أكبر وشرك أصغر وشرك خفي
النوع الأول من أنواع الشرك : الشرك الأكبر:
لايغفر الله ولا يقبل معه عملاً صالحاً قال الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء116].
وقال سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة72].
وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان23] وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر65] وقال عز وجل: {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام88].
والشرك الأكبر أربعة أنواع:
الأول: شرك الدعوة:
والدليل قول الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت65].
الثاني: شرك النية والإرادة والقصد:
والدليل قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُون} [هود15: 16].
الثالث: شرك الطاعة:
والدليل قوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة31] وتفسيرها الذي لا إشكال فيه: طاعة العلماء والعباد في المعصية لادعاؤهم إياهم كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال: لسنا نعبدهم فذكر له: أن عبادتهم طلعتهم بالمعصية.
الرابع: شرك المحبة:
والدليل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} [البقرة165].
النوع الثاني من أنواع الشرك: الشرك الأصغر:
وهو الرياء والدليل قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف110].
النوع الثالث: من أنواع الشرك: الشرك الخفي:
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل».
وكفارته قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم».
الكفر كفران
النوع الأول: كفر يخرج على الملة:
وهو خمسة أنواع:
النوع الأول: كفر التكذيب:
والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِين} [العنكبوت68].
النوع الثاني: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق:
والدليل قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة34].
النوع الثالث: كفر الشك:
وهو كفر الظن والدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا(36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُل(37)لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدً} [الكهف35: 38].
النوع الرابع: كفر الإعراض:
والدليل على ذلك قوله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف3].
النوع الخامس: كفر النفاق:
والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون3].
النوع الثاني من نوعي الكفر: وهو كفر أصغر لايخرج من الملة وهو كفر النعمة:
والدليل قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل112].
أنواع النفاق:
النفاق نوعان: اعتقادي وعملي.
النفاق الاعتقادي:
ستة أنواع صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار:
الأول: تكذيب الرسول صل الله عليه وسلم.
الثاني: تكذيب بعض ماجاء به الرسول صل الله عليه وسلم.
الثالث: بغض الرسول صل الله عليه وسلم.
الرابع: بغض بعض ماجاء به الرسول صل الله عليه وسلم.
الخامس: المسرة بانخفاض دين الرسول صل الله عليه وسلم.
السادس: الكراهية بانتصار دين الرسول صل اله عليه وسلم.
النفاق العملي:
النفاق العملي خمسة أنواع:
والدليل قوله صل الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان» وفي رواية: «إذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر».
معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه:
اعلم رحمك الله تعالى: أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله
والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل36].
فأما صفة الكفر بالطاغوت:
فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم.
وأما معنى الإيمان بالله:
فأن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون سواه وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله وتنفيها عن كل معبود سواه وتحب أهل الإخلاص وتواليهم وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.
وهذه ملة إبراهيم التي سفه من رغب عنها وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة4].
والطاغوت عام فكل ما عبد دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت، والطواغيت كثيرة رؤوسهم خمسة:
الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله:
والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس60].
الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى:
والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء60].
الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله:
والدليل قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة44].
الرابع: الذي يدعي علم الغيب من دون الله:
والدليل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن26] وقوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام59].
الخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة:
والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء29].
واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت.
والدليل قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة256].
الرشد: دين محمد.
الغي: دين أبي جهل.
العروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله هي متضمنة للنفي والإثبات: تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لاشريك له.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
الأصول الثلاثة التي يجب على كل مسلم ومسلمة معرفتها،وهي:
معرفة العبد: ربه ودينه ونبيه محمد صلّ الله عليه وسلم.
فإذا قيل لك: من ربك؟ فقل: ربي الله الذي رباني وربى جميع العالمين بنعمته وهو معبودي ليس لي معبود سواه.
وإذا قيل لك: مادينك؟ فقل: ديني الإسلام وهو: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله.
وإذا قيل لك: من نبيك؟ فقل: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم وهاشم من قريش وقريش من العرب والعرب ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام.
أصل الدين وقاعدته أمران:
الأول: الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض على ذلك والموالاة فيه وتكفير تركه.
الثاني: الإنذار عن الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله.
شروط (لا إله إلا الله):
الأول: العلم بمعناها نفياً وإثباتاً.
الثاني: اليقين وهو : كمال العلم بها المنافي للشك والريب.
الثالث: الإخلاص المنافي للشرك.
الرابع: الصدق المنافي للكذب.
الخامس: المحبة لهذه الكلمة ولما دلت عليه والسرور بذلك.
السادس: الانقياد لحقوقها وهي: الأعمال الواجبة إخلاصاً لله وطلباً لمرضاته.
السابع: القبول المنافي للرد.
أدلة هذه الشروط من كتاب الله تعالى ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم:
دليل العلم:
قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد:19]، وقوله: {إِلَّا مَن شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف:86]، أي بـ (لا إله إلا الله) {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} بقلوبهم مانطقوا به ألسنتهم.
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن عثمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة».
ودليل اليقين:
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات15].
فاشترط في صدق إيمانهم بالله ورسوله كونهم لم يرتابوا أي لم يشكوا فأما المرتاب فهو من المنافقين.
ومن السنة: الحديث الثابت عن الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة».
وفي رواية: «لايلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما فيحجب عن الجنة».
وعن أبي هريرة أيضا من حديث طويل: «من لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة».
دليل الإخلاص:
قوله تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر3] وقوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء} [البينة5].
ومن السنة: الحديث الثابت في الصحيح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «أسعد الناس بشفاعتي من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ( أو نفسه )».
وفي الصحيح عن عتبان بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله عز وجل».
وللنسائي في (اليوم والليلة) من حديث رجلين من الصحابة عن صلى الله عليه وسلم: «من قال لا إله إلا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير مخلصاً بها قلبه يصدق بها لسانه إلا فتق الله لها السماء فتقاً حتى ينظر إلى قائلها من أهل الأرض وحق لعبد نظر الله إليه أن يعطيه سؤله».
ودليل الصدق:
قوله تعالى: {الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت1: 3].
وقوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم وَمَا يَشْعُرُونَ (9) فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [البقرة8: 10].
ومن السنة: ماثبت في الصحيحين عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ن أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله صادقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار».
ودليل المحبة:
قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ} [البقرة165].
وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ} [المائدة54].
ومن السنة: ماثبت في الصحيح عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لايحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار».
دليل الانقياد:
ما دل عليه قوله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ } [الزمر54]، وقوله: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ} [النساء125]، وقوله: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى} [لقمان22]، أي ( لا إله إلا الله ).
وقوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [النساء65].
ومن السنة: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به» وهذا هو تمام الانقياد وغايته.
ودليل القبول:
قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [الزخرف23: 25].
وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ} [الصافات35: 36].
ومن السنة: ماثبت في الصحيح عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضاً: فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا ورزعوا وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه مابعثني الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به».
نواقض الإسلام
اعلم أن نواقض الإسلام عشرة:
الأول: الشرك في عبادة الله تعالى:
قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء48]، وقال: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة72].
الثاني: من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة.
الثالث: من لم يكفر المشركين أو يشط في كفرهم أو صحح.
الرابع: من اعتقد أن غير هدى النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه كالذي يفضل حكم الطواغيث على حكمه فهو كافر.
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر.
السادس: من استهزأ بشئ من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه عقابه كفر.
قوله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِين} [التوبة65: 66].
السابع: السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضى به كفر.
والدليل قوله تعالى: {وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ} [البقرة:103].
الثامن: مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة51].
التاسع: من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فهو كافر.
العاشر: الإعراض عن دين الله تعالى: لايتعلمه ولا يعمل به والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة22] ولافرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف إلا المكره وكلها من أعظم ما يكون خطراً وأكثر ما يكون وقوعاً.
فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه نعوذ بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
التوحيد ثلاثة أنواع:
الأول: توحيد الربوبية:
وهو الذي أقر به الكفار على زمن رسول الله وقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدخلهم في الإسلام واستحل دمائهم وأموالهم وهو توحيد الله بفعله تعالى، والدليل قوله تعالى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} [يونس31].
والآيات على هذا كثيرة جداً.
الثاني: توحيد الألوهية:
وهو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه وهو توحيد الله بأفعال العباد: كالدعاء والنذر والنحر والرجاء والخوف والتوكل والرغبة والرهبة والإنابة وكل نوع من هذه الأنواع عليه دليل قرآني.
الثالث: توحيد الذات والأسماء والصفات:
قال الله تعالى: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَد(2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ(3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص]،وقوله تعالى: {وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأعراف180] وقال تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى11].
ضد التوحيد الشرك:
وهو ثلاثة أنواع: شرك أكبر وشرك أصغر وشرك خفي
النوع الأول من أنواع الشرك : الشرك الأكبر:
لايغفر الله ولا يقبل معه عملاً صالحاً قال الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء116].
وقال سبحانه: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ} [المائدة72].
وقال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا} [الفرقان23] وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر65] وقال عز وجل: {ذَلِكَ هُدَى اللّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام88].
والشرك الأكبر أربعة أنواع:
الأول: شرك الدعوة:
والدليل قول الله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [العنكبوت65].
الثاني: شرك النية والإرادة والقصد:
والدليل قوله تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ (15) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُون} [هود15: 16].
الثالث: شرك الطاعة:
والدليل قوله تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة31] وتفسيرها الذي لا إشكال فيه: طاعة العلماء والعباد في المعصية لادعاؤهم إياهم كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم لعدي بن حاتم لما سأله فقال: لسنا نعبدهم فذكر له: أن عبادتهم طلعتهم بالمعصية.
الرابع: شرك المحبة:
والدليل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ} [البقرة165].
النوع الثاني من أنواع الشرك: الشرك الأصغر:
وهو الرياء والدليل قوله تعالى: {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف110].
النوع الثالث: من أنواع الشرك: الشرك الخفي:
والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل».
وكفارته قوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم».
الكفر كفران
النوع الأول: كفر يخرج على الملة:
وهو خمسة أنواع:
النوع الأول: كفر التكذيب:
والدليل قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِين} [العنكبوت68].
النوع الثاني: كفر الإباء والاستكبار مع التصديق:
والدليل قوله تعالى: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة34].
النوع الثالث: كفر الشك:
وهو كفر الظن والدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَن تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (35) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِّنْهَا مُنقَلَبًا(36) قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُل(37)لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدً} [الكهف35: 38].
النوع الرابع: كفر الإعراض:
والدليل على ذلك قوله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف3].
النوع الخامس: كفر النفاق:
والدليل قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون3].
النوع الثاني من نوعي الكفر: وهو كفر أصغر لايخرج من الملة وهو كفر النعمة:
والدليل قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [النحل112].
أنواع النفاق:
النفاق نوعان: اعتقادي وعملي.
النفاق الاعتقادي:
ستة أنواع صاحبها من أهل الدرك الأسفل من النار:
الأول: تكذيب الرسول صل الله عليه وسلم.
الثاني: تكذيب بعض ماجاء به الرسول صل الله عليه وسلم.
الثالث: بغض الرسول صل الله عليه وسلم.
الرابع: بغض بعض ماجاء به الرسول صل الله عليه وسلم.
الخامس: المسرة بانخفاض دين الرسول صل الله عليه وسلم.
السادس: الكراهية بانتصار دين الرسول صل اله عليه وسلم.
النفاق العملي:
النفاق العملي خمسة أنواع:
والدليل قوله صل الله عليه وسلم: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان» وفي رواية: «إذا خاصم فجر وإذا عاهد غدر».
معنى الطاغوت ورؤوس أنواعه:
اعلم رحمك الله تعالى: أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله
والدليل قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ} [النحل36].
فأما صفة الكفر بالطاغوت:
فأن تعتقد بطلان عبادة غير الله وتتركها وتبغضها وتكفر أهلها وتعاديهم.
وأما معنى الإيمان بالله:
فأن تعتقد أن الله هو الإله المعبود وحده دون سواه وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله وتنفيها عن كل معبود سواه وتحب أهل الإخلاص وتواليهم وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.
وهذه ملة إبراهيم التي سفه من رغب عنها وهذه هي الأسوة التي أخبر الله بها في قوله تعالى: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة4].
والطاغوت عام فكل ما عبد دون الله ورضي بالعبادة من معبود أو متبوع أو مطاع في غير طاعة الله ورسوله فهو طاغوت، والطواغيت كثيرة رؤوسهم خمسة:
الأول: الشيطان الداعي إلى عبادة غير الله:
والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} [يس60].
الثاني: الحاكم الجائر المغير لأحكام الله تعالى:
والدليل قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا} [النساء60].
الثالث: الذي يحكم بغير ما أنزل الله:
والدليل قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة44].
الرابع: الذي يدعي علم الغيب من دون الله:
والدليل قوله تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} [الجن26] وقوله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} [الأنعام59].
الخامس: الذي يعبد من دون الله وهو راض بالعبادة:
والدليل قوله تعالى: {وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِّن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ} [الأنبياء29].
واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت.
والدليل قوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [البقرة256].
الرشد: دين محمد.
الغي: دين أبي جهل.
العروة الوثقى: شهادة أن لا إله إلا الله هي متضمنة للنفي والإثبات: تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله تعالى وتثبت جميع أنواع العبادة كلها لله وحده لاشريك له.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
كتبه: شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
دار ابن خزيمة
لتحميل المطوية
التحميل |